المحظورات والمباحات فى الحج
بقلم الشيخ: عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا
المحظورات والمباحات فى الحج
بقلم الشيخ: عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا
المحظورات فى الإحرام جاء بعضها فى القرآن وجاء كثير منها فى السنة النبوية، واليك هذه المحظورات التى فيها جزاء دنيوى :
1- الجماع ، وقد مر حكمه .
2- لبس المخيط أو المحيط، كالقميص والسروال والقباء والجبة والبرنس ،
وكذلك الخف والحذاء ، روى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن
النبى ( قال: "لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس - كل ثوب
رأسه منه - ولا السراويل ، ولا ثوبا مسه ورس - نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ
به - ولا زعفران ، ولا الخفين ، إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا
أسفل من الكعبين .
والإجماع أن هذا خاص بالرجل ، أما المرأة فتلبس كل ذلك ما عدا ما
مسه طيب ، وما عدا النقاب والقفازين . لقول ابن عمر رضى الله عنهما : نهى
النبى ( النساء فى احرامهن عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس والزعفران
من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من الوان الثياب، من معصفر أو خز
-حرير- أو حلى ، أو سراويل أو قميص أو خف. رواه أبو داود والبيهقى والحاكم
وصححه - قال البخارى : ولبست عائشة الثيات المعصفرة وهى محرمة وقالت : لا
تتلثم ، ولا تتبرقع ، ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران . وعند البخارى وأحمد
أن النبى ( قال: لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " ومعنى ذلك
أن إحرامها فى وجهها وكفيها ، قال العلماء: إن سترت وجهها بشئ فلا بأس ،
على ألا يكون نقابا مفصلا كالمعتاد ، وبخاصة عند الرجال الأجانب فقد روى
أبو داود وابن ماجة أن عائشة رضى الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا
ونحن مع رسول الله ( محرمات ، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها - أى
الملحفة - على وجهها ، فإذا جازوا بنا كشفناه . وممن قال بجواز سدل الثوب
مالك والشافعى وأحمد.
وإذا لم يجد الرجل الإزار والرداء أو النعلين لبس ما وجده للضرورة ،
فقد روى البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى ( خطب بعرفات
وقال: " اذا لم يجد المسلم إزارا فليلبس السراويل ، واذا لم يجد النعلين
فليلبس الخفين وجاء فى رواية لأحمد أن النبى ( لم يقل عن الخفين
"وليقطعهما" ومن هنا قال أحمد : يجوز للمحرم لبس الخف والسراويل اذا لم
يجد النعلين والازار بدون قطع النعلين ولا فدية عليه . لكن جمهور الفقهاء
اشترط قطع الخف ليكون كالنعل بناء على حديث ابن عمر المتقدم رواه البخارى
ومسلم . والحنفية يوجبون شق السراويل إذا لم يجد الإزار ، فان لبسها دون
شق لزمته الفدية . والشافعى ومالك لا يريان وجوب شقها ، لأن النص كان على
قطع الخفين وبناء على رواية جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبى ( قال: إذا
لم يجد إزارا فليلبس السراويل ، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين
وليقطعهما أسفل من الكعبين. رواه النسائى بسند صحيح، فإذا لبس السراويل
ووجد الإزار لزمه خلع السراويل ( الإزار هو الثوب الذى يستر أسفل الجسم
والرداء هو الثوب الذى يستر أعلى الجسم ) وإذا لم يجد رداء لم يلبس القميص
، بل يظل عاريا ، فليس أعلى الجسم عورة .
3- عقد النكاح لنفسه أو لغيره بأى وجه من الوجوه ، ويقع العقد باطلا
لا تترتب عليه آثاره الشرعية ودليله حديث رواه مسلم وغيره عن عثمان بن
عفان رضى الله عنه أن رسول الله ( قال : "لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا
يخطب " ولم يجئ فى رواية الترمذى "ولا يخطب" وهو حديث حسن صحيح. وقال بهذا
الحكم جمهور الفقهاء : مالك والشافعى وأحمد ، ولا يعترض عليه بما روى أن
النبى ( تزوج ميمونة وهو محرم ، فان الرواية الصحيحة عن مسلم أنه تزوجها
وهو حلال. قال الترمذى اختلفوا فى تزوج النبى الله ( ميمونة حيث تزوجها فى
طريق مكة، فقال بعضهم : تزوجها وهو حلال ، وظهر أمر تزويجها وهو محرم ، ثم
بنى بها وهو حلال فى "سرف" فى طريق مكة .
والحنفية خالفوا الجمهور وأجازوا عقد النكاح للمحرم ، وليس لهم دليل على ذلك وقالوا : الممنوع هو الجماع وليس العقد .
4، 5 - تقليم الأظفار وإزالة الشعر بالحلق أو القص أو بأية طريقة أخرى
، سواء كان الشعر فى الرأس أم فى أى موضع آخر من الجسد ، قال تعالى: (ولا
تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله)، {سورة البقرة: 196} هذا دليل حلق
الشعر أما دليل تقليم الظفر فهو الإجماع ، فيحرم من غير عذر فان انكسر فله
إزالته من غير فدية وكذلك لو كان يتأذى بشعره فله إزالته ، لكن فى الإزالة
فدية للنص عليه قال تعالى: (فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية
من صيام أو صدقة أو نسك)، {سورة البقرة: 196} .
وهذا الحكم للرجل والمرأة واستثنى من الفدية شعر العين اذا تأذى به كما قال الجمهور، وأوجبها مالك .
6- الطيب فى الثوب أو البدن ، ودليله ما رواه البزار بسند صحيح أن عمر
رضى الله عنه وجد ريحًا طيبًا من معاوية وهو محرم ، فقال له: ارج فاغسله ،
فانى سمعت رسول الله ( يقول: "الحاج الشعث التفل " والشعث هو البعيد العهد
بتسريح شعره وغسله ، والتفل هو الذى ترك الطيب والتنظيف ، وقال ( : "أما
الطيب الذى بك فاغسله عنك ثلاث مرات ". رواه البخارى ومسلم .
وإذا مات المحرم لا يوضع الطيب فى غسله ولا فى كفنه كما قال الجمهور
، وأجازه أبو حنيفة ، ودليل الجمهور قوله ( فيمن مات محرما "لا تخمروا
رأسه ولا تمسوه طيبا ، فانه يبعث يوم القيامة ملبيًا "هذا فى الطيب الذى
يوضع بعد الإحرام ، أما وضعه قبله فلا بأس به حتى لو بقى أثره بعد الإحرام
ففى حديث متفق عليه عن عائشة: كأنى انظر إلى وبيص الطيب فى مفرق رسول الله
( بعد أيام وهو محرم .
وهذا الحكم هو فى وضع الطيب فى البدن أو الثوب ومثل ذلك لبس ثوب
مصبوغ بما له رائحة طيبة ، إلا أن يغسل وتزول رائحته ، وكذلك وضعه فى
مطبوخ أو مشروب يحرم وفيه الفدية إن بقيت رائحته كما قال الشافعية ،
وخالفهم الحنفية لأنه لم يقصد به الترفه بالطيب.
7- التعرض للصيد البرى بقتل أو تنفير أو دلالة عليه إن كان غير
مرئى، وكذلك إفساد بيض الحيوان البرى وبيعه وشراؤه وحلب لبنه أما صيد
البحر فلا حرمة فيه ، قال تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم
وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما)، {سورة المائدة : 96}.
وكذلك يحرم الأكل من هذا الصيد الذى صاده أو صيد له أو بمعونته ،
فقد روى البخارى ومسلم عن أبى قتادة أنه كان مع جماعة محرمين فاصطاد حمار
وحش وأكلوا منه ولما أخبروا الرسول بذلك أجاز أكلهم حيث لم يأمروا الصائد
بذلك وروى أحمد والترمذى عن جابر أن النبى ( قال: صيد البر لكم حلال وأنتم
حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم. وهذا هو رأى جمهور الفقهاء .
8- ومن ارتكب شيئا من هذه المحظورات فجزاؤه كما يأتى :
صيد الحرم وقطع شجره - إن الصيد المذكور من قبل هو الصيد الواقع من المحرم ويستوى فيه ما صيد فى الحل وما صيد فى الحرم .
أما صيد الحرم وقطع شجره فيستوى فيه المحرم وغير المحرم ، والممنوع
بالنسبة للشجر هو الشجر الذى لم يستنبته الآدميون عادة . ومثله قطع الرطب
من النبات حتى الشوك ، الا الإذخر والسّنا فلا مانع من التعرض لهما ودليله
ما رواه البخارى أن النبى ( قال يوم فتح مكة " إن هذا البلد حرام ، لا
يعضد شوكه، ولا يختلى خلاه ، ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطته الا لمعّرف
" واستثنى الإذخر كطلب العباس.
وما استنبته الآدميون يجوز قطعه على رأى الجمهور ، وتفصيل الجزاء
يرجع فيه إلى كتب الفقه على رأى من يقول بالجزاء ، اما من لا يقول به
فأوجب الاستغفار. راجع ص 5 من المجلد السادس من هذه الفتاوى .
أما الجماع فقد مر حكمه . وأما لبس المخيط وتقليم الأظفار وإزالة
الشعر والتطيب ففيه فدية جاءت فى قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضًا أو به
أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)، {سورة البقرة : 196}، والنسك
هو الذبح ، والفدية على التخيير بين هذه الأمور الثلاثة : ذبح شاة ، أو
إطعام ستة مساكين ، كل مسكين نصف صاع ، أو صيام ثلاثة أيام . روى البخارى
ومسلم عن كعب بن عجزة أن رسول الله ( مر به زمن الحديبية ، فقال: "قد آذاك
هوام رأسك " ؟ قال : نعم ، فقال: " احلق ثم اذبح شاة أو صم ثلاثة أيام ،
أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين " وجاء فى رواية لأبى داود أن
الآية نزلت فيه، والإطعام فيها هو فرق من زبيب ، والفرق مكيال يسع ستة عشر
رطلا عراقيا. وإذا كان هذا الحكم فى المعذور فقد قاس الشافعى عليه غير
المعذور . وأبو حنيفة أوجب الدم على غير المعذور أن قدر عليه .
هذا، ويلاحظ فى الشعر أن يكون المزال ثلاث شعرات فأكثر حتى تجب فيه
الفدية المذكورة ، أما إزالة شعرة واحدة ففيها مدكما قال الشافعى ، وفى
الشعرتين مدان ، وفى الثلاثة فصاعدا دم . ووضع الدن فى الشعر أن كان بزيت
خالص أو خل خالص يجب فيه الدم أما وضعه فى غير شعر الرأس واللحية فلا شئ
فيه عند الشافعية وفيه الدم عند الحنفية .
كما يلاحظ أن لبس المخيط والتطيب لا شئ فيه عند الجهل بالتحريم أو
عند نسيان الإحرام فقد روى الجماعة الا ابن ماجه أن رجلا أحرم بالعمرة
وعليه جبة وهو مصفر لحيته ورأسه ، فسأل الرسول بالجعرانة عن ذلك فقال :
اغسل عنك الصفرة وانزع عنك الجبة ، وما كنت صانعا فى حجك فاصنع فى عمرتك "
وقال عطاء إذا تطيب أو لبس -جاهلاً أو ناسيًا - فلا كفارة عليه رواه
البخارى.
وهذا بخلاف قتل الصيد مع الجهل أو النسيان ففيه الجزاء ، لأن ضمانه
ضمان مال فيستوى فيه العلم والجهل ، والعمد والنسيان كضمان مال الآدميين.
أما الصيد فقد جاء فى جزائه قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا
تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم
يحكم به ذوا عدل منكم هديًا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك
صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله
عزيز ذو انتقام )، {المائدة: الآية 96}.
قال ابن كثير: الذى عليه الجمهور أن العامد والناسى سواء فى وجوب
الجزاء عليه ، والآية تدل على أن الجزاء على المتعمد ، والسنة من أحكام
الله ( وأصحابه بوجوب الجزاء فى الخطأ.
وقتل الصيد إتلاف ، والإتلاف مضمون فى العمد والنسيان ، لكن الفرق
بينهما أن التعمد فيه إثم دون النسيان. وتفصيل الجزاء وبيان المثلية من
النعم يرجع فيه إلى كتب الفقه .
وأما المباحات فى الإحرام ما يأتى:
1- الاغتسال للنظافة والأغسال المسنونة كالغسل يوم الجمعة ، وكذلك
تغيير ملابس الإحرام ، ورى الجماعة الا الترمذى أن ابن عباس والمسور بن
مخرمة كانا بالإيواء واختلفا فى غسل المحرم رأسه وأن أبا أيوب الأنصارى
أخبر أن الرسول كان يفعله ، ودخل ابن عباس حمام الجحفة وهو محرم فقيل له:
كيف ذلك؟ فقال: إن الله ما يعباً بأوسخنا شيئا ، قال ابن المنذر: أجمعوا
على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة ، واختلفوا فيما عدا ذلك ز وروى مالك
عن نافع ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم ألا من الجنابة .
واستعمال الصابون للنظافة جائز ، وعند الشافعية والحنابلة : لا مانع
منه حتى لو كانت له رائحة لأنها غير مقصودة للتطيب . ويجوز نقض الشعر
وتمشيطه كما أمر النبى ( عائشة به ورواه مسلم . والنووى فى شرحه قال: إن
ذلك جائز فى الحرام بحيث لا ينتف شعرا. ولكنه مكروه الا لعذر ، وذلك خشية
سقوط الشعر ووجوب الفدية .
2- ستر الوجه لإتقاء الغبار أو الريح الشديدة بما لا يلاصق الوجه ،
فقد روى الشافعى وسعيد بن منصور أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن
الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم محرمون - والتخمير هو الستر .
3- لبس الخفين للمرأة ، فقد روى أبو داود والشافعى عن عائشة أن رسول الله ( رخص للنساء فى الخفين .
4- تغطية الرأس نسيانا ، فلا شئ فيه عند الشافعية كلبس القميص مع
النسيان ، وأوجب الحنفية فيه الفدية ، وقد تقدم ذلك ، وبالمثل النسيان
والجهل فى التطيب ، فالقاعدة عند الشافعية أن النسيان والجهل فى كل محظور
عذر يمنع وجوب الفدية فيما عدا الإتلاف كالصيد وفيما عدا الحلق وتقليم
الظفر على الأصح عندهم .
5- الحجامة وفقء الدمل ونزع الضرس والفصد ، فقد ثبت احتجام النبى (
فى وسط رأسه وهو محرم ، وهل يا ترى كان من الحجامة إزالة شعر أم لا؟.
يقول النووى : إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قطع شعر
فهى حرام من أجل قطع الشعر ، وإن لم تتضمنه جازت عند الجمهور وكرها مالك ،
وعن الحسن البصرى : الحجامة فيها فدية وإن لم يقطع شعرا ، فإن كانت لضرورة
جازت مع قطع الشعر وتجب الفدية .
وقال مالك : لا بأس للمحرم أن يفقأ الدمل ويربط الجرح ويقطع العرف إذا احتاج ، وقال ابن عباس : المحرم ينـزع ضرسه ويفقأ القرحة .
6- حك الرأس والجسد بحيث لا يكون فيه إزالة للشعر ، فقد ثبت فى
البخارى ومسلم وغيرهما أن عائشة (رضى الله) عنها أجازت ذلك ، وروى ذلك عن
ابن عباس وجابر وغيرهما .
7- النظر فى المرآة وشم الريحان . روى البخارى عن ابن عباس أنه جائز
، واذا قال ابن المنذر : إن العلماء أجمعوا على أن المحرم ممنوع من
استعمال الطيب فى جميع بدنه - فإن المكث فى مكان فيه روائح عطرية كتجارة
العطور فيه خلاف للعلماء، قال الحنفية والمالكية : إنه مكروه سواء قصد
شمها أم لم يقصد ، وقال الشافعية والحنابلة : إنه حرام عند القصد ، جائز
عند عدمه ، ومع إجازة الشافعية له عند عدم القصد كرهوا الجلوس فى هذا
المكان الذى فيه العطر ، ما لم يكن الجلوس قرية لله ، كالجلوس عند الكعبة
وهى تبخر فلا كراهة فيه . ويجوز حمل زجاجة فيها عطر ولا فدية ما لم يستعمل
ما فيها من عطر .
8- لبس الحزام لشد الإزار أو حفظ النقود ، لا مانع منه ومثله الحزام
الطبى، وكذلك يجوز لبس الخاتم ، حيث لا يصدق على ذلك لبس المخيط أو المحيط
. قاله ابن عباس .
9- الاكتحال للتداوى - لا مانع منه ، ما دام بغير طيب ولايقصد به الزينة كما قال ابن عباس .
10- الوقاية من المطر أو الحر بمثل المظلة أو الخيمة ما دام ذلك لا
يغطى الرأس فقد روى مسلم أن أسامة بن زيد وبلالا كانا مع الرسول الله ( فى
حجة الوداع أحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى
رمى جمرة العقبة . وأخرج ابن أبى شيبة أن عمر رضى الله عنه كان يطرح النطع
على الشجرة فيستظل به وهو محرم ، وأجاز عطاء بن أبى رباح الاستظلال من
الشمس واتقاء الريح والمطر ، وحكى إبراهيم النخعى عن الأسود بن يزيد أنه
طرح على رأسه كساء يستكن به من المطر وهو محرم .
11- الخضاب بالحناء ، فقد أجازته الحنابلة فيما عدا الرأس ، وأجازته
الشافعية فيما عدا اليدين والرجلين لغير حاجة ، ولا يغطى رأسه بحناء ثخينة
. كما كرهوا للمرأة الخضاب بالحناء حال الإحرام إلا اذا كانت معتدة من
وفاة فيحرم عليها ذلك ، كما يحرم عليها الخضاب اذا كان نقشا ، أى للزينة .
والحنفية والمالكية حرموه للرجل والمرأة فى أى جزء من البدن ، لأنه
طيب وهو ممنوع مستدلين بحديث رواه الطبرانى فى الكبير والبيهقى وابن عبد
البر عن خولة بنت حكيم عن أمها أن النبى الله ( قال: لأم سلمة رضى اله
عنها " لا تطيبـى وأنت محرمة ، ولا تمسى الحناء فانه طيب " .
12- قتل الحشرات المؤذية ، مثل النمل والقراد ، الصغير منه والكبير ، كما جاء عن ابن عباس وعطاء.
13- قتل الحيوانات والطيور المؤذية ، فقد روى البخارى ومسلم عن عائشة
رضى الله عنها أن النبى الله ( قال: "خمس من الدواب كلهن فاسق ، يقتلن فى
الحرم - وفى رواية مسلم والحل الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب
العقور " وزاد فى رواية البخارى الحية فيكون العدد ستا لا خمسا.
وأطلق عليها الفواسق ، والفسق هو الخروج ، لأنها خرجت عن حكم غيرها
من الحيوانات فى تحريم قتل المحرم لها ، وقيل : لخروجها عن غيرها فى حل
الأكل ، أو لخروجها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع .
وقد اتفق العلماء على أن غراب الزرع وهو الصغير الذى يأكل الحب لا
يقتل ، والكلب العقور يعم كل ما يعقر الناس ويخيفهم مثل الأسد والنمر
والفهد والذئب ، وقال الحنفية : إن لفظ الكلب قاصر عليه لا يلحق به غيره
ما عدا الذئب فهو مثله وابن تيمية يبيح للمحرم أن يقتل كل ما يؤدى حتى لو
كان آدميا لا يندفع ألا بقتله فالدفاع مشروع ، ومن قتل مدافعا عن نفسه أو
ماله أو دينه أو عرضه فهو شهيد .
هذا ، وقد قال العلماء : يجوز للمحرم أن يضرب خادمه للتأديب ، فقد
روى أحمد وابو داود وابن ماجة أن أبا بكر (رضى الله عنه) ضرب خادمه الذى
ضل منه بعيره ورسول الله ( حيث كان رفيا له فى حجة الوداع - يبتسم ولم يزد
على قوله " انظروا لهذا المحرم ما يصنع " .